إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

07‏/11‏/2013

حكــــــاية أنثى

بداية حياة .. هكذا بدأت حياتي .. وهكذا بدأت كثيرات من قبلي .. نحن البنات .. أجمل الكائنات كما كانت تغرد لي دوما جدتي الحنونه .. فهي وحدها تعلم أنني سأكون مركز مدار كون عائلتي لسنوات وسنوات .. فكانت يوما تحمل طفله أشبهها أنا , وصارت مركز مدار كونها الصغير .. وبدورة الحياه التي لا نشعر كيف تتحرك ولا نستطيع أن نسجل كل تفاصيلها , أتت طفلتها بأخرى تحملها واصبحنا أنا وهي مركز مدار كون جدتي .. أنا .. وأمي 

طفولتي أنا الأنثى .. لست اتذكر منها الكثير .. ألعاب هادئه لا تحمل الكثير من الحركه ولا التفكير .. فأنا أنثى .. وذكريات أماكن ليست بحاجة إلى التسجيل .. فلم أرى الكثير .. فانا أنثى أبقى دوما بالمنزل .. أو من منزل إلى منزل .. وإذا تطور الأمر .. يمكنني تذكر الشارع الفاصل بين منزلنا ومنزل جدتي .. فأمي أيضا مثلي .. لا تسطيع السكن بعيدا عن أهلها وإن كان لها بيت آخر , وزوج وعالم آخر .. فهي لابد وأن تظل قريبه .. تظل تحت أنظار الجميع , فهي أنثى

وانتقلت أنا من طفولتي البريئه بلا عمل ولا تعلم إلى طفولة جديده تكونت يوما بعد يوم .. تكونت في مدرستي .. اتذكرها جيدا .. فهي كبيره جدا في أول يوم لي بها .. وصغيره جدا في آخر يوم تخرجت منها .. وبين أول يوم وهذا الأخير لم اكن ايضا لأحمل الكثير من الذكريات .. فلم نكن لنذهب بعيدا أنا وصديقاتي .. أو أكون وحدي في الطريق ذهابا وإيابا .. فكان يصحبني دائما أخي الأكبر .. ليس لأنني صغيره .. ولكن لأنني أنثى

ومن طفلة تتعلم , جئت بأفكار جديده .. نعم أود أنا أكون ذات مظهر جذاب .. ولا أريد من الآن أنا يدللني أحد كطفله .. فأنا كبرت .. وصرت اليوم اذهب لمدرستي الجديده وحدي وإن كانت في نفس منطقة منزلي .. فأنا كبيره .. اتحرك وحدي .. دون حاجه لأحد أن يرشدني

سنوات قضيتها أبـني وأبني .. بناء جميل لشخصيتي , فأود أنا أكون ذات حضور وعقل حكيم .. بناء جميل لشكلي , أود أن أكون جميله على حياء .. بناء جميل لأصدقائي , أود أنا احتفظ بهم وابقى معهم طوال الحياه .. حياة مثاليه كونتها أنا .. دون الأخذ في الاعتبار لما يسمي بالمجتمع .. دون أن أعلم انه يضع لي حدود وقوانين .. فقط لأنني أنثى

وبالوقت صرت أنا هذا البناء المتكامل في نظري وحدي .. وهـا أنا بأول أيامي الجامعيه .. انا وحدي ومعي أفكاري ومبادئي .. اتخيل الجميع لديه نفس المبادئ .. الجميع لديه نفس الأسره .. نفس الاصدقاء .. أتخيل الحياه معزوفه ساحره دون نشاذ ! .. ولكني لم اكن اعلم أنني لست وحدي في هذا العالم .. وأن هناك ثقافات مختلفه متباينه بين بنات جيلي .. وجنس آخر .. نعم جنس آخر .. لم يحدثني أحد عنه طيلة هذه السنوات .. فأنا أنثى

أيام مرت وأنا في دهشة من أمري .. هل أنا الآن في حلم .. أم أنني كنت في حلم ؟ .. من هؤلاء .. وما هذا الكائن المختلف الطباع .. رجل .. نعم اعلم أن في هذا العالم رجال .. فكنت أسمع جدتي تتحدث عن رجل .. وأمي تشكو من رجل .. ولم اكن لأبالي كيف يكون الرجل ! .. لم أكن أبالي لأن حياتي لم تكن لتسمح بالتفكير في الرجل من قبل .. وكيف وانا أنثى ؟

سنوات جامعيه مرت وأنا اتعلم أشياء كثيره .. كثيره جدا لدرجة تجعلني لا أجد وقتا كي أسجلها .. فالتعليم وحده مرهق .. ودروس الحياة الصغيره التي تعلمتها في هذه السنوات من الإحتكاك بغيري من الثقافات كانت اكثر ارهاقا .. فهذا العالم مليء بما لما يمر سهوا على خيالى ! .. فحتى خيالى قديما كان محدودا .. وكيف يكون غير ذلك .. فانا أنثى

انتهى التعليم .. وبدأ التعلم !! .. هكذا كانت حياتي بعد أول يوم من تخرجي من الجامعه .. كنت اعلم جيدا اني لابد وأن أدرك أن ماتعلمته في تلك السنوات شيء لا يقارن حجما ولا موضوعا بما سوف أراه واتعلمه في سنواتي القادمه .. ولأنني انهيت دراستي .. دقت ساعة الزواج .. فهكذا يرى المجتمع .. وأنا لا اعلم لماذا ؟! ... اسأل فيجيب من يجيب .. بأن الزواج أمر ضروري .. ضروري لأنني أنثى

رحلتي مع محاولات للزواج كانت مريره مثل الكثيرات من صديقاتي .. حالات من العرض والطلب كما سميتها .. يأتي الرجل .. الذي لا اعلم عنه شيء كي يراني وهو لا يعلم عني شيء وينتظر الجميع رأي كلانا في الآخر .. وبالطبع لا استطيع أن أقول رأيي كاملا .. فأنا أنثى

بلا زواج .. مرحلة عاشتها نسبه ليست بالقليله من بنات جيلي .. فلا يوجد تكافؤ في عدد الرجل والنساء في مجتمعنا .. ولا يوجد تكافؤ في تفكير كلاهم ولا في درجة حريتهم في اتخاذ القرار .. هذه المرحله تعيشها كل بنت تحت ضغوطات المجتمع التي تتسائل .. متى ستتزوجين ؟ ولماذا تأخرتي حتى الآن ؟ .. تساؤلات لا تنظر لما تريد وتحلم .. كأنه ليس حقا لهـا أن تحلم وتبني حياة لا تشبه الجميع .. ولكن كيف هذا وهي أنثي

لم اكن يوما وسط ذلك كله افكر أن أسجل نجاحاتي في مجال عملي , لم اكن اشعر به .. وحتى إن شعرت ,, فالجميع حولي ينتظر حدثا واحدا .. متغاضيا بنظره عن أي أحداث أخرى .. لا عمل .. لا نجاح .. لا شئ سوى الزواج .. فمهما فعلت لن أحقق الهدف مني في هذه الحياه .. مهما فعلت لن أنجب أولاد وبنات .. فما فائدتي إذا إن لم اكن زوجه .. والكل يلومني .. يلومني فقط لأنني أنثى

دعاء رفعت به يداي إلى كاشف الغيب وعالم القلوب .. فوحده يعلم مابي وماذا أريد .. وبعد دعائي توكلت .. ذهبت إلى عملي وأعطيته كل مالدي من طاقه .. وكنت أعرف أنني لابد وأن أكسر قوانين هذا المجتمع الرتيب .. مجتمع يفعل مايفعل ولا يرد إلا بجملة تعليلية واحده : لأنهـا أنثى

اليوم ليس كمثله , اشتم رائحة تحمل تغير كبير .. نعم انه الزواج قد آتى بأوانه .. وها هو المطلب المجتمعي الجماهيري يتحقق .. ونصف سعادتي أنه يتحقق .. ونصفها الاخر تائه بين اسئله حول مستقبلي مع هذا الرجل .. اسئله بلا صوت كي تأتي بجواب .. فكيف اتحدث بما يدور بداخلي وأنا أنثى

فرح جميل .. أنا بـفستاني الابيض وتفاصيل اليوم الذي حلمت به .. هكذا كان يومي .. دون أفكار .. دون تحليلات .. دون منطق .. يوم من الاحلام .. سأظل أذكره .. وأعيده على مسامع أبنتي لتعلمه .. فلن اتركها دون علم مثلما كنت .. سأعلمها الحياه منذ الصغر ولا اجعل هذا المجتمع يضيع فرحتها بنجاحها الشخصي الغير مقترن بآخرون .. سأجعل منها أميره تفكر بشكل عصري ومختلف .. نعم سأفعل .. دون أن اقيدها معللة لكل شيء ممنوع لأنها أنثى

مرت شهور من الأحلام .. فها هو الرجل ليس بعيب ان اعرفه مثلما يقولون , ولا بأن أناقشه مثلما يزعمون .. فهو بشر مثلي .. يبكي ويضحك .. قوي وله لحظات ضعف تكسر .. ليس بالمارد ولا بالملاك الأبيض .. لكني مازلت لا اعرفه جيدا .. لم يكن لدي الكثير من المعلومات عن عالمه كي اشاركه واستمتع .. وحين كنت أستعين بأمي تعلمني .. تتذمجر لماذا لا افهم سريعا ماتقول .. لماذا دائما على وجهي علامات الذهول .. تتذمجر ولا تعلم .. ولكني اعلم .. لأنني كنت اتسائل عن هذا العالم من قبل وكانت ترفض .. ترفض ان أعرف عن الرجل .. ترفض لأنني أنثى

علمتني الأيام كثيرا عن عالم الرجل مالم تكن لتعلمه لي أمي ولا غيرها من النساء .. واتضح لي أنا هذا العالم لا يمكن أن يوصف بمجرد كلمات .. فلابد لكل امرأه أن تخوض العالم وتأتي هي بالمعاني والمفردات .. وتكون تجربتها الخاصه التي لا يمكن تطابقها مع غيرها من الحكايات

وجاءت ابنتي .. تماما مثلما حلمت بأن تكون .. وووجدت في نظرة امي لها هذه النظره الحنونه التي عهدتها من جدتي .. تماما مثلها .. تغرد لها بأنها اجمل الكائنات .. فهي تعلم أن حياتى ستدور حولها مثلما دارت حياتها حولي .. ومرت الايام وصارت الصغيره اكبر .. وصرت افعل ماكانت تفعله أمي بل واكثر .. اعلمها ماعلمته لي .. وامنع عنها مامنعته عني .. وغريبا أنني كنت اقول لها حين امنعها من شيء اظن انه سيؤذيها : لا تفعلي هذا .. فإنك أنثى

11‏/10‏/2013

أن تسمع ما في عقول البشر


فكرت كثيرا ما إذا كنت استطيع و لو ليوم واحد أن أسمع مايدور في عقول البشر من حولي , أن أرى مالا أراه , وأن أعرف كل شيء مجرد على حقيقته دون أقنعه .. دون مجاملات , حلمت أن أرى البشر حولي وقد تجردوا من كل مساحيق التجميل التي يرتدونها ليل نهار ليبدون أكثر جمالا وتألقا في مجتمع اعتاد ان يصنع من الكلمات حاكم يقضي ويفصل دون النظر إلي ما بداخل هؤلاء المتحدثون .. كأن هذه الكلمات لا شك بها .. ولا غبار عليها 
ومع هذا اليقين المزيف الذي نعيشه , تجد من يصدم بالواقع .. يأتيك ليقول قد قال لي فلان كذا وكذا والدموع تنهال من عينيه غير قادر على استيعاب الأمر وأنها كانت مجرد كلمات لا يأتي وراءها فعل يشفي الصدر وليست هي مابداخل قائلها في واقع الأمر

فكرت وفكرت وبداخلي صوت يقول لي أني أنا الأخرى جزء من نظام كوني , افعل مايفعله البشر لست بملاك ولا بشيطان .. اتحدث احيانا بما ليس بداخلي خوفا من أن اكسر بكلماتي هذا النظام المتعشق من حولي فاخسر , يقول لي إذا كنتي الآن سوف تنصحين مايقرأ بأن يقول كل مابداخله فلماذا أنتي هكذا .. لماذا تطلبين الشجاعه من غيرك دون أن تملكيها ؟!
صمت وسط تفكيري هذا وصوت ضميري الذي أشعر معه وبه أنني مازلت انبض .. مازلت حيه .. مازال بـي خير ومازالت بقلب وعقل سليم .. ولكني بعد أن حمدت الله على هذا الضمير عدت من جديد لأمنيتي التي لا تعرف عقل ولا صوت لضمير .. أمنيتي التي مازالت تدق باب أحلامي تارة بحنان وتارة بعنف .. ماذا إذا استطعت أن افعل هذا .. وكيف يكون 

وبعد نقاش عقل وقلب وخيال وجدت مالم أكن أتوقعه .. قلت لذاتي كي اشفي أحلامي وأريح صوت ضميري .. وليكن لكي ماطلبتي وتمنيتي .. هـأنتي ستسمعين الآن الجميع حولك بصوت قلوبهم وضمائرهم .. اطلقي العنان لخيالك أكثر كي تستريحي .. اختاري أشخاص تريدين حقا سماع قلوبهم !! .. ومع صمت كثير افكر : من أريد أن أسمع ؟! ... عقدت العزم أن أعرف .. فلان وفلان وفلانه و و و ...... كتبت أسماء كل من أريد .. كل من يهمني أمرهم .. نعم أود أن أسمع مابداخلهم جميعا وماذا يقولون عني .. ماذا أعني لهم جميعا فهم يعنون الكثير 

ولكني وقبل سماع أي شيء سألت نفسي مؤكده لطلبي المجنون .. هل أود هذا فعلا ؟! .. سؤالي هذا فتح لي باب للتفكير من جديد .. وبعد  قليل من التفكير قلت حاسمه : لا لن أسمع الآن .. لا أود ذلك .. فهذا هو حبيب عمري , وهذه هي عائلتي التي التصق بها حبا .. وهؤلاء هم أصدقائي وأقاربي ومعارفي ..لا أريد أن أعرف شيء أكثر من الذي أعرفه اليوم ..فقد لا استطيع تحمل ماسوف تسمعه أذناي ولا ماستراه عيناي .. فليس كل ماتخفيه لي الأيام يسعدني مابالي بـالقلوب ومابها .. مابالي بالضمائر وما بها .. فإن كان بها شر فمعرفته تأذيني وإن كان بها خير فكثر حبي لهم قد يفسد الأمر بيننا أو يؤذيهم .. وعلمت الحق .. فإن كان لي خير أن أعرف .. لجعله الله اليوم متاح .. إن كان لي خير أن أرى لجعل اليوم بصري حديد .. لكنه سبحانه الرحيم .. وعدني يوما بأني سأرى .. سأعرف .. لكن دون أن أحزن .. دون أن يكون لدي حق الرد كي لا أخسر قلب أحببته .. دون أن تؤلمني المعرفه .. وقررت من يومها أن أحسن الظن بكل من حولي .. أن أعطي دون أن اسأل ماذا يخفون .. أو ماذا سيعطون .. وبهذا احفظ نفسي من شرها وشر من حولها وافوض أمري إلى الله .. فيوما ماسأعلم ..لكن دون أن أحزن